25 - 09 - 2025

رشقة أفكار | علاء عبد الفتاح .. العقاب لايزال مستمرًا!

رشقة أفكار | علاء عبد الفتاح .. العقاب لايزال مستمرًا!

* لو لم يكن عقابًا .. لخرج يحيي حسين عبد الهادي وعبد الخالق فاروق  ورفاق آخرون !

الإنصاف كان يقتضي إجراء صفقة إفراج شاملة عن معتقلي الرأي ..فهو مكفول لمن لم تتخضب أياديهم بالدماء.

 أملنا كبير أن يتسع صدر النظام ويسعى لمصالحة شعبية بالعفو عن كثيرين ، لاشك ان مصر كلها ستبتهج باطلاقهم .

الشعب سيشكر  رئيس الدولة أكثر إن  سعى لترسيخ حرية الرأي ، فلا يعتقل صاحبه ، وإصلاح أوضاع الصحافة والصحفيين ، بحيث تستعيد دورها البارز .

لم يكن ممكنا قبل إطلاق علاء ذكر أسماء يحيي حسين عبد الهادي وعبد الخالق فاروق و الرسام  أشرف عمر  وسيد صابر وآخرين غيبهم "الموات" الإعلامي حتى أننا نسيناهم أو نكاد.

علاء دفع فاتورة اختياراته ولسنا بصدد كشف حساب له  كما أننا لسنا قضاة ، لكننا نتساءل لماذا خرج علاء "أورديحي" من دون الفتة ولحم الضأن ؟!

ليلي سويف مثال للاحترام والصبر والإصرار على ما ابتليت به كأم ، وناضلت حتى حققت اللحظة الأهم وهي أن تحتضن ابنها في بيت أبيه.

إطلاق سراح  ٢٥ صحفيًا مطلب نقابي شدد عليه النقيب البلشي ولجنة الحريات تتواصل مع أسرهم لتشد من أزرهم و تبقي جذوة قضيتهم قيد الاهتمام .

*****

- مولد الأفراح والليالي الملاح لم ينته في بيت المرحوم أحمد سيف الإسلام وزوجته الدكتورة ليلي سويف . رغم مناشدة سناء سيف شقيقة علاء للأصدقاء والمهنئين بأن يتركوهم قليلا يفرحوا بعلاء ويستعيدوه ويستعيد هو حياته وإبنه ، إلا أن الابتهاج بالإفراج عن الشاب - الذي اختار مواجهات معينة مع الجيش ، أبرزها الضغط على النظام بالبذاءة والسباب -  لن يتوقف !

لا عزاء  لمن كانوا يرغبون في الإبقاء على علاء قيد السجن حتى يتعفن من الموت ، ولاعزاء أيضا للحالمين بأن يقضي الإضراب عن الطعام على حياة الدكتورة ليلي، والتي في تقديري كانت إمرأة العام و الأعوام الفائته ، بمسئوليتها وأمومتها ومحاولتها استنقاذ ابنها بأي شكل تستطيعه .. باتت في العراء ونامت على "تل طوار "  السجون ،  والجامعات والشوارع ونقابة الصحفيين  .. صمدت ربما أكثر من علاء الذي لم نعرف عنه أخبارًا من داخل السجن (!!) وباتت حياته في داخله سرًا ربما أسرّ به لمجموعة أصدقائه كالأحمدين دومة وحرارة ورشا عزب  ومحمد فوزي ونجاد البرعي ومحاميه المتفاني خالد على.

لم يكن ممكنا ذكر هذه الأسماء - بمن فيهم من عنونت اسماؤهم كالدكتور يحيي حسين عبد الهادي وعبد الخالق فاروق ، ومعهم الرسام  أشرف عمر  وسيد صابر وآخرين لانملك قائمة صحيحة باسمائهم ، بسبب غيابهم عن الإعلام ، حتى أننا نسيناهم أو نكاد، وربما أتاح لنا كل هذا سعة صدر الرئيس عبد الفتاح السيسي ، الذي أصدر أخيرًا  قرارا جمهوريا بالعفو عن علاء .

لا أوافق الذين فسروا الإفراج عنه وحده وبعد هذه الفترة الطويلة من المناشدات والنداءات والمطالبات ، بأن هناك استجابة مصرية لطلب بريطانيا - التي حمل علاء جنسيتها- بإطلاق سراحه .. فلو كان ذلك كذلك فلماذا لم يحدث أثناء مؤتمر المناخ الذي أفسدته سناء سيف ، بأن حولته إلى تظاهرة لإحراج النظام المصري ، والضغط عليه لمنح علاء حريته . كان ممكنا ألا يفسد تحركها والشو الإعلامي الذي نظمته هذا  المؤتمر العالمي  . كما لا أعتقد ان هناك صفقة مع بريطانيا ، بان يطلق النظام المصري سراح علاء في مصر مقابل أن تطلق بريطانيا سراح الدولة الفلسطينية من أضابيرها وتعترف بها ، ذلك انه بدلا من بريطانيا هناك اكثر من ١٥٠ دولة اعترفت بدولة فلسطينية ، وليسوا جميعا اقل من بريطانيا ،  التي  كانت إمبراطورية غابت عنها الشمس بالفعل!

ليلي سويف مثال للاحترام والنضال الشجاع والصبر والإصرار على بلاء ابتليت به كأم ، وناضلت وقاومت حتى حققت اللحظة الأهم وهي ان تحتضن ابنها في بيت أبيه المناضل الراحل أحمد سيف الإسلام ، ومع  خالد نجل علاء وشقيقته ! لا اعرف هل وصل خالد علاء من لندن أم أن الصور المنشورة له مع والده وزوجته كانت في وقت سابق . هل مهمتنا كصحفيين ان نتعقب كل شيء الآن في حياة علاء؟ ربما هذا شأن مختلف تتباين فيه رؤي الصحفيين والكتاب ! فمثلا هناك كتاب وصحفيون لن يتحدثوا عن علاء مطلقا ، ويوصون زملاءهم في "جروبات"خاصة  بآلا يتحدثوا عنه ، من باب أن "مافعله" معروف للكافة! علاء نفسه لن يخفي أنه كان هناك في" يوم ماسبيرو" ولا كان هناك يوم دخول" القرصاية" .. ولن ينفي أنه عندما كان يوجّه نقدا شديدًا للمسؤولين- قبل سجنه- لم يتعامل بآي لباقة أو لياقة تمتع بها أحمد طنطاوي ، ويحيي حسين عبد الهادي وعبد الخالق فاروق وسيد صابر وأحمد سراج( خرج من المعتقل قبل شهرين أو أكثر)، بل انه استخدم البذاءة في نقده ، معتبرا انها تمثل نوعا من الضغط الأقصى عليهم .

هناك صحفيون وكتاب لن ينسوا لدى تطرقهم لموضوع علاء بأنه كان هناك يمسك "الآلى" في أثناء وقوع "مذبحة ماسبيرو"..وهناك من تطالب - ويطالب معها آخرون -  بنسيان كل ماجرى منه ، كونه من حقه بعد إطلاقه أن يعيش  حياته ، وقد  كان ميتًا لنحو ١٢ عامًا قضاها داخل السجن .

في تقديري أن علاء دفع فاتورة اختياراته ، هناك يُرْفَض  من اختياراته وهناك مايمكن ان يقبل منها، إذا كان في إطار حرية الرأي .. ولسنا بصدد كشف حساب للرجل حديث التمتع بالحرية ، كما أننا لسنا قضاة ، لكننا نتساءل لماذا خرج علاء "أورديحي" من دون فتة ولحم ضأن ؟!

خرج بمفرده ليبقى عقابه مستمرا هو وأسرته ، فكل من سيتناول سيرته سوف يكتب كلمات  في حقه تنال من أي نزاهة له ، ابسطها حمله للجنسية الإنجليزية وأنها هي التي تسببت في إطلاقه ! ومع أن هذا قد لأيكون صحيحا فالغمز واللمز واضح المعني !

أما الفتة ولحم الضأن الذي ضنوا به علينا فهو استمرار اعتقال - أو سجن - المهندس يحيي حسين عبد الهادي ، والذي كان يمكن  ان يكون الإفراج عنه  بداية طريق للمصالحة مع النظام ، وايضاً إطلاق أكثر من ٢٥ صحفيًا تطالب نقابة الصحفيين على لسان نقيب الصحفيين خالد البلشي باطلاقهم ، وقد عقدت لجنة الحريات اجتماعات مع أسرهم حاولت فيها ان تشد  من أزرهم وأن تبقي قضيتهم قيد الأهتمام .

كان ممكنا أن تكون الوليمة معتبرة إذا ضم قرار العفو كلا من الاقتصادي عبد الخالق فاروق ، الذي يدفع ثمن رأيه بأن مصر ليست دولة فقيرة ، والرسام أشرف عمر ، ولا نعرف ان كان كمال مغيث الخبير التربوي العلماني قد زَوّجَ ابنته ندي  لرسام  ومترجم متعاطف مع الإخوان أم لا ، فكمال وندي يكتبان  لنا القصص الإنسانية عن الزيارة التي تعد  لأشرف ( الطبلية) كلما حصلا على موعد للزيارة ، لكننا لا نعرف منهم أو من غيرهم تهمة آشرف  تحديدًا ، فلم يمثل أمام قاضيه الطبيعي حتى اليوم ..كما لم يمثل آيضا سيد صابر ، أما عبد المنعم أبو الفتوح وعصام سلطان وجماعة الاخوان والمنتسبين لها والمتعاطفين معها، والذين يرون - مع السيد حمدين صباحي-  أنهم فصيل وطني،  فلا يمكن أن نقول الكثير عنهم ، فأنا اعترف بأنني منحاز في موقفي من الإخوان ، وإن كنت لا أتمادى فأطالب بتعامل فاشيستي معهم ، وإنما أنا مع محاكمتهم ومعاقبة من يستحق العقاب ، لكني ضد إنشاء احزاب ذات مرجعية دينية ، لا  السلفيين ( وقائدهم  المدعو برهامي ورفاقه  ) ولا الوسط (عصام سلطان ) ولا مصر القوية (عبد المنعم أبو الفتوح ) ولا "الاخوان المسلمون"..  ولا أغفر  للبلتاجي مطلقًا الربط بين إيقاف عملية إسقاط الاخوان ورئيسهم الدكتور مرسي ، وبين توقف الحرائق المندلعة في سيناء وقتها !

لا نطلب سوى تطبيق القانون ، ومن يطلق سراحه لا يعود لممارسة نشاط سياسي بخلفية دينية ولا يسند اليه  أو يحق له التواجد في مواقع تعرقل التنوير والاستنارة والتقدم ، فلا يشارك  كنائب مثلًا في تشريع أو  في تعليم أو  وعظ أو  تربية ، وربما نقبل به يعمل على طريقة رجل الاستثمارات مثل ملك الألبان صفوان ثابت أو مالك التوحيد والنور !

كان ممكنا التضحية بالرغبة في استمرار ايذاء علاء عبد الفتاح شعبيًا - مع أنه لم يكن ذكيا مطلقًا في الصور التي نشرها لمجموعة من المبتهجات بخروجه ، فارتدين ملابس الرقص - ولا يهمنا ذلك مطلقًا - لكنه قدم اسبابًا وجيهة لمجتمعنا لإيذائه بالنقد الحاد له ولأسرته ! كان ممكنا أن يكون إطلاقه  نوعًا من بدء مصالحة شعبية ، ففي السجون آخرون كان خروجهم يعني الكثير والكثير ، وكان ممكنا أن يُبْنَى  عليه ، خاصة في اشد فترات احتياج النظام المصري لاستعادة الشعبية واستعادة الثقة فيه واستعادة التأييد الجارف له ، خاصة في ظل الألاعيب والخدع والتأليب الصهيوني المستمر ضد مصر ، ليس في اميركا وحدها وإنما في كثير من دول العالم ..

كلنا أمل أن يتسع صدر النظام ويسعى لمصالحة شعبية بإطلاق سراح كثيرين ، لاشك ان مصر كلها ستبتهج باطلاقهم ، وستشكر رئيس الدولة فعلا ، وستشكره أكثر إن سعى لترسيخ حرية الرأي ، فلا يعتقل صاحبه ، وتشكره أكثر وأكثر إن هو  سعي لإصلاح أوضاع الصحافة والصحفيين ، بحيث تستعيد ويستعيدون دورهم البارز في المجتمع كسلطة حقيقية مع ضوابط تمنع النقد الجارح والتشهير وتلفيق الأخبار إذا كان هذا هو سبب إماتة الصحافة في عصرنا الحالي.

-----------------------------------

بقلم: محمود الشربيني

مقالات اخرى للكاتب

رشقة أفكار | علاء عبد الفتاح .. العقاب لايزال مستمرًا!